الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
قال: [وعمة الأمة وخالتها في ذلك كأختها] يعني في تحريم الجمع بينهما في الوطء, والتفصيل فيهما كالتفصيل في الأختين على ما ذكرنا. قال: [ولا بأس أن يجمع بين من كانت زوجة رجل وابنته من غيرها] أكثر أهل العلم يرون الجمع بين المرأة وربيبتها جائزا لا بأس به, فعله عبد الله بن جعفر وعبد الله بن صفوان بن أمية وبه قال سائر الفقهاء إلا الحسن, وعكرمة وابن أبي ليلى رويت عنهم كراهته لأن إحداهما لو كانت ذكرا حرمت عليه الأخرى فأشبه المرأة وعمتها ولنا, قول الله تعالى ولو كان لرجل ابن من غير زوجته ولها بنت من غيره, أو كان له بنت ولها ابن جاز تزويج أحدهما من الآخر في قول عامة الفقهاء وحكي عن طاوس كراهيته إذا كان مما ولدته المرأة بعد وطء الزوج لها والأول أولى لعموم الآية والمعنى الذي ذكرناه, فإنه ليس بينهما نسب ولا سبب يقتضي التحريم وكونه أخا لأختها لم يرد الشرع بأنه سبب للتحريم, فبقي على الإباحة لعموم الآية ومتى ولدت المرأة من ذلك الرجل ولدا صار عما لولد ولديهما وخالا. وإن تزوج امرأة لم تحرم أمها ولا ابنتها على أبيه ولا ابنه فمتى تزوج امرأة وزوج ابنه أمها جاز لعدم أسباب التحريم فإذا ولد لكل واحد منهما ولد, كان ولد الابن خال ولد الأب وولد الأب عم ولد الابن ويروى أن رجلا أتى عبد الملك بن مروان فقال: يا أمير المؤمنين, إني تزوجت امرأة وزوجت ابني بأمها فأخبرنا فقال عبد الملك: إن أخبرتني بقرابة ولدك من ولد ابنك أخبرتك فقال الرجل: يا أمير المؤمنين, هذا العريان بن الهيثم الذي وليته قائم سيفك إن علم ذلك فلا تخبرني فقال العريان: أحدهما عم الآخر والآخر خاله. وإذا تزوج رجل بامرأة, وزوج ابنه بنتها أو أمها فزفت امرأة كل واحد منهما إلى صاحبه فوطئها, فإن وطء الأول يوجب عليه مهر مثلها لأنه وطء شبهة ويفسخ به نكاحها من زوجها لأنها صارت بالوطء حليلة ابنه أو أبيه ويسقط به مهر الموطوءة عن زوجها لأن الفسخ جاء من قبلها, بتمكينها من وطئها ومطاوعتها عليه ولا شيء لزوجها على الواطئ لأنه لم يلزمه شيء يرجع به, ولأن المرأة مشاركة في إفساد نكاحها بالمطاوعة فلم يجب على زوجها شيء كما لو انفردت به ويحتمل أن يلزمه لزوجها نصف مهر مثلها لأنه أفسد نكاحها قبل الدخول, أشبه المرأة تفسد نكاحه بالرضاع وينفسخ نكاح الواطئ أيضا لأن امرأته صارت أما لموطوءته أو بنتا لها ولها نصف المسمى فأما وطء الثاني فيوجب مهر المثل للموطوءة خاصة فإن أشكل الأول, انفسخ النكاحان ولكل واحدة مهر مثلها على واطئها ولا يثبت رجوع أحدهما على الآخر, ويجب لامرأة كل واحد منهما على الآخر نصف المسمى ولا يسقط بالشك. قال: [رائر نساء أهل الكتاب وذبائحهم حلال للمسلمين] ليس بين أهل العلم بحمد الله, اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب وممن روى عنه ذلك عمر وعثمان وطلحة, وحذيفة وسلمان وجابر وغيرهم قال ابن المنذر: ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك وروى الخلال, بإسناده أن حذيفة وطلحة, والجارود بن المعلى وأذينة العبدى تزوجوا نساء من أهل الكتاب وبه قال سائر أهل العلم وحرمته الإمامية, تمسكا بقوله تعالى وأهل الكتاب الذين هذا حكمهم, هم أهل التوراة والإنجيل قال الله تعالى: وليس للمجوس كتاب, ولا تحل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم نص عليه أحمد وهو قول عامة العلماء إلا أبا ثور, فإنه أباح ذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (( سنوا بهم سنة أهل الكتاب )) ولأنه يروى أن حذيفة تزوج مجوسية ولأنهم يقرون بالجزية فأشبهوا اليهود والنصارى ولنا قول الله تعالى: فصل: وسائر الكفار غير أهل الكتاب كمن عبد ما استحسن من الأصنام والأحجار والشجر والحيوان فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم وذبائحهم وذلك لما ذكرنا من الآيتين, وعدم المعارض لهما والمرتدة يحرم نكاحها على أي دين كانت لأنه لم يثبت لها حكم أهل الدين الذي انتقلت إليه في إقرارها عليه ففي حلها أولى.
مسألة: قال: [وإذا كان أحد أبوى الكافرة كتابيا والآخر وثنيا, لم ينكحها مسلم] وجملته أنه إذا كان أحد أبوى الكتابية غير كتابي لم يحل نكاحها سواء كان وثنيا أو مجوسيا أو مرتدا وبهذا قال الشافعي, فيما إذا كان الأب غير كتابي لأن الولد ينسب إلى أبيه ويشرف بشرفه وينسب إلى قبيلته وإن كانت الأم غير كتابية فله فيه قولان ولنا, أنها غير متمحضة من أهل الكتاب فلم يجز للمسلم نكاحها كما لو كان أبوها وثنيا, ولأنها متولدة بين من يحل وبين من لا يحل فلم يحل كالسمع والبغل ويحتمل أن تحل بكل حال, لدخولها في عموم الآية المبيحة ولأنها كتابية تقر على دينها فأشبهت من أبواها كتابيان والحكم في من أبواها غير كتابيين, كالحكم في من أحد أبويها كذلك لأنها إذا حرمت لكون أحد أبويها وثنيا فلأن تحرم إذا كانا وثنيين أولى والاحتمال الذي ذكرناه ثم متحقق ها هنا اعتبارا بحال نفسها دون أبويها.
مسألة: قال: [وإذا تزوج كتابية, فانتقلت إلى دين آخر من الكفر غير دين أهل الكتاب أجبرت على الإسلام فإن لم تسلم حتى انقضت عدتها, انفسخ نكاحها] الكلام في هذه المسألة في فصول أربعة:
الأول: أن الكتأبي إذا انتقل إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه لا نعلم في هذا خلافا فإنه إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله بالجزية, كعبادة الأوثان وغيرها مما يستحسنه فالأصلى منهم لا يقر على دينه, فالمنتقل إليه أولى وإن انتقل إلى المجوسية لم يقر أيضا لأنه انتقل إلى أنقص من دينه فلم يقر عليه, كالمسلم إذا ارتد فأما إن انتقل إلى دين آخر من دين أهل الكتاب كاليهودي يتنصر أو النصراني يتهود, ففيه روايتان إحداهما لا يقر أيضا لأنه انتقل إلى دين باطل قد أقر ببطلانه, فلم يقر عليه كالمرتد والثانية يقر عليه نص عليه أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار الخلال وصاحبه, وقول أبي حنيفة لأنه لم يخرج عن دين أهل الكتاب فأشبه غير المنتقل وللشافعي قولان كالروايتين فأما المجوسي إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله عليه لم يقر, كأهل ذلك الدين وإن انتقل إلى دين أهل الكتاب خرج فيه الروايتان وسواء فيما ذكرنا الرجل والمرأة لعموم قوله عليه السلام: (( من بدل دينه فاقتلوه )) ولعموم المعنى الذي ذكرناه فيهما جميعا
الفصل الثاني: أن المنتقل إلى غير دين أهل الكتاب, لا يقبل منه إلا الإسلام نص عليه أحمد واختاره الخلال وصاحبه وهو أحد أقوال الشافعي لأن غير الإسلام أديان باطلة قد أقر ببطلانها فلم يقر عليها كالمرتد وعن أحمد أنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه لأن دينه الأول قد أقررناه عليه مرة ولم ينتقل إلى خير منه فنقره عليه إن رجع إليه, ولأنه منتقل من دين يقر أهله عليه إلى دين لا يقر أهله عليه فيقبل منه الرجوع إليه, كالمرتد إذا رجع إلى الإسلام وعن أحمد رواية ثالثة أنه يقبل منه أحد ثلاثة أشياء الإسلام, أو الرجوع إلى دينه الأول أو دين يقر أهله عليه لعموم قوله تعالى: الفصل الثالث: في صفة إجباره على ترك ما انتقل إليه وفيه روايتان إحداهما أنه يقتل إن لم يرجع, رجلا كان أو امرأة لعموم قوله عليه السلام: (( من بدل دينه فاقتلوه )) ولأنه ذمى نقض العهد فأشبه ما لو نقضه بترك التزام الذمة وهل يستتاب؟ يحتمل وجهين أحدهما يستتاب لأنه يسترجع عن دين باطل انتقل إليه, فيستتاب كالمرتد والثاني: لا يستتاب لأنه كافر أصلى أبيح قتله فأشبه الحربى فعلى هذا إن بادر وأسلم, أو رجع إلى ما يقر عليه عصم دمه وإلا قتل والرواية الثانية عن أحمد قال: إذا دخل اليهودي في النصرانية, رددته إلى اليهودية ولم أدعه فيما انتقل إليه فقيل له: أتقتله؟ قال: لا, ولكن يضرب ويحبس قال: وإن كان نصرانيا أو يهوديا فدخل في المجوسية كان أغلظ لأنه لا تؤكل ذبيحته, ولا تنكح له امرأة ولا يترك حتى يرد إليها فقيل له: تقتله إذا لم يرجع؟ قال: إنه لأهل ذلك وهذا نص في أن الكتابي المنتقل إلى دين آخر من دين أهل الكتاب لا يقتل بل يكره بالضرب والحبس.
الفصل الرابع: أن امرأة المسلم الذمية, إذا انتقلت إلى دين غير دين أهل الكتاب فهي كالمرتدة لأن غير أهل الكتاب لا يحل نكاح نسائهم فمتى كان قبل الدخول, انفسخ نكاحها في الحال ولا مهر لها لأن الفسخ من قبلها وإن كان بعده, وقف على انقضاء العدة في إحدى الروايتين والأخرى ينفسخ في الحال أيضا
مسألة: قال: [وأمته الكتابية حلال له, دون أمته المجوسية] الكلام في هذه المسألة في فصلين:
أحدهما: أن أمته الكتابية حلال له وهذا قول عامة أهل العلم إلا الحسن فإنه كرهه لأن الأمة الكتابية يحرم نكاحها فحرم التسري بها كالمجوسية ولنا, قول الله تعالى: الفصل الثاني: أن من حرم نكاح حرائرهم من المجوسيات وسائر الكوافر سوى أهل الكتاب, لا يباح وطء الإماء منهن بملك اليمين في قول أكثر أهل العلم منهم مرة الهمداني والزهري, وسعيد بن جبير والأوزاعي والثوري, وأبو حنيفة ومالك والشافعي وقال ابن عبد البر: على هذا جماعة فقهاء الأمصار, وجمهور العلماء وما خالفه فشذوذ لا يعد خلافا ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس ووجه قوله عموم قوله تعالى: مسألة: قال: [وليس للمسلم وإن كان عبدا أن يتزوج أمة كتابية] لأن الله تعالى قال:
|